عندما قتل قابيل أخاه هابيل!! أين وقع حادث قابيل بقتل أخيه هابيل؟! تقول الروايات والأخبار القديمة انه في دمشق حيث يوجد في شمالها مغارة تعرف باسم (مغارة الدم) قيل انها مكان هذا الحادث المؤلم والخطير وقد اتفقت الروايات على ان هابيل هو الابن الثاني لآدم وانه كان يشتغل برعي الاغنام، أما اخوه قابيل فكان يفلح الأرض، وقدم كل منهما قرباناً الى الله فلم يقبل قربان قابيل، فحقد على اخيه وقتله فكان اول سافك دم على الارض وجاء ذكر ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: '' اذ قرّبا قرباناً فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الآخر، قال لأقتلنك، قال إنما يتقبل الله من المتقين''.
وذكر المفسرون ان هابيل اراد ان يتزوج بأخت هابيل الذي رغب في ان يستأثر بها دونه فقرب هابيل شاة سمينة قرباناً فأكلت النار قربانه بينما تركت قربان اخيه وهو حزمة من زرع، وقيل ايضاً ان قابيل قتل اخاه خنقاً او بحجر، ثم واراه التراب بعد ان اقتدى بما فعله غراب بغراب آخر قتله..
ومما يذكر عن دمشق مكان هذا الحادث انها من اقدم مدن العالم وقد سميت دمشق بهذا الاسم لأنهم (دمشقوا) في بنائها أي (اسرعوا) .. وان سيدنا ابراهيم عليه السلام ولد بعد بنائها بخمس سنوات، وان الذي بناها هو (جيروذ) بن سعد بن عاد بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام..
ومن القصة السابقة نكتشف ان آدم عليه السلام نزل الى جوارها.. وان نبي الله نوحاً عليه السلام اعد سفينته في مكان مدينة دمشق قبل بنائها.. وأنه جلب اخشاب سفينته من جبال لبنان، حيث تنمو شجرة الأرز العجيبة التي يعد خشبها اشد انواع الاخشاب صلابة واحتمالاً في التاريخ القديم.
وتقد دمشق في سهل خصيب يرويه نهر بردى، وتحيط به الصحراء.. ودمشق بمآذنها الجميلة ومبانيها الاثرية وغوطتها ذات المناظر الساحرة هي التي اوحت الى امير الشعراء احمد شوقي ان يقول: آمنت بالله واستثنيت جنته دمشق روح وجناتٌ وريحانُ. وقد عرف العرب دمشق قبل الاسلام اذ كانت مستودعاً لتجارة الشرق.. وكان العرب الاقدمون يأتون اليها ببضائعهم وكانت مياه نهر بردى التي تغذيها وكذلك الاشجار والبساتين تذهلهم برونقها ورائحتها الجميلة فسموها (الفيحاء) كما اطلقوا عليها لقب آخر هو (درة الصحراء) ذلك انها توجد في واحة.. وفي صدر الاسلام بلغت دمشق شأناً عظيماً وكانت عاصمة الامويين ومنها خرجت جيوشهم تنشر الاسلام وحضارة العرب في آسيا وافريقيا ووصل علم الدولة الاموية الى اسبانيا حيث اقاموا فيها دولة الاندلس التي ازدهرت وعاشت لعدة قرون. وفي دمشق عدد كبير من اضرحة وقبور ومقامات القادة والاولياء المشاهير مثل: صلاح الدين الايوبي، ومعاوية بن ابي سفيان، والظاهر بيبرس ونور الدين زنكي والمتصوف ابن عربي، والكثير ايضاً من تلك الاسماء اللامعة.. والكثير من الاماكن الهامة والخالدة مثل الجامع الاموي الشهير. وسبق ان اشتهرت دمشق ومنذ خمسة قرون من الزمان بما تنتجه من الحديد الصلب.. ولعل المشتغلين بصناعة الصلب من ابناء دمشق كانوا اول من توصل الى صنع الصلب الحقيقي وكان السيف الدمشقي من اصلب انواع السيوف.
وكانت دمشق مركزاً لبعض الحرف الصناعية مثل صناعات تطعيم الخشب بالاصداف والزجاج وتجفيف الفواكه والسجاد والاقمشة والفيسفساء والجلود المدبوغة والصابون وكان انتاج هذه الصناعات محدوداً.. اما اليوم وبعد ان بدأت دمشق تستعيد امجادها القديمة فان هذه الحرف الصغيرة بدأت تأخذ طابع الصناعات الكبيرة، فأصبح الآن في دمشق صناعة الاقمشة الحريرية المطعمة بالذهب والفضة وكذلك القطنية الفاخرة.. واصبحت هناك مصانع خاصة لنسج الحرير المصنوع من خيوط دودة القز الناعمة.. وهناك غير هذا كثير من الصناعات الهامة مثل: صناعة السكر وصناعة المأكولات المحفوظة والمعلبة، والحلوى والاسفلت والاسمنت والتمباك العجمي وغيره.. لذا فلا غرابة ان تطلق الكتب القديمة على دمشق لقب (مستودع الشرق) لتجارة العرب والأجانب قبل وبعد الاسلام.
ونشير هنا الى بعض الشعر الذي قاله أمير القوافي احمد شوقي في نهر بردى ودمشق: سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق
ودمشق والتي تعتبر اقدم عاصمة عرفها التاريخ في العالم والتي هي الآن تحتفل باطلاق اسم مدينة الثقافة العربية لهذا العام 2008 سبق ان اطلق عليها قديماً تسميات عديدة منها: ذات العماد.. ارم ذات العماد.. حبرون.. ارام.. بيت رامون.. ديمترياس.. جُلقّ.. درة الشرق.. شامة الدنيا.. شام شريف.. كنافة الله.. دامسكا.. الفيحاء.. داماس.. الدار المسقية.. مدينة الياسمين والشام.
